امن الافراد The security of individuals -امن المعلوماتInformation Security-امن المواد والمنشأت materials and constructions Security

قفشات

3d

تنويه: تقوم ادارة المدرسة باجراء تعديلات وتصويبات على المحاضرات المنشورة بشكل مستمر وحسب الحاجة يرجى الانتباه.

الأربعاء، 18 يناير 2017

المحاضرة الثانية والعشرون- الادارة الامنية ونظرية الضرورة

المحاضرة الثانية والعشرون

الادارة الامنية ونظرية الضرورة

       الضرورة هي اخطر الاسلحة التي يمكن ان تلجأ اليها الادارة الامنية بقصد تنفيذ خططها وقد تكون تلك الخطط بحاجة فعلية لتلك النظرية المتعلقة بالضرورة او قد تكون حجة من اجل اثبات العجز وربما الفشل او سوء التخطيط والتدبير او حتى التهرب من المسؤولية، ولعل الكثير منا سمع بالقاعدة الفقهية والتي تنص على ان "الضرورات تبيح المحظورات" والتي تعطي الرخصة للمسلم وعند الضرورة من استعمال بعض الممنوعات لاغراض تحقيق مصلحة اكبر مثل المحافظة على الحياة على ان لا تكون من جنس المحرمات التي تكون فيها المعصية مثل لا توجد ضرورة للمسلم الذي لا يستطيع الزواج في ممارسة الزنا او ان تكون الضرورة مما يعبر عنه ماديا وليس معنويا جوهريا مثل ان اذا طلب من المسلم الذي يقع بيد الاعداء في ان يكفر فله ان يجري الكفر على لسانه بينما يبقى قلبه مطمئنا بالايمان، ان الاصل في تلك الاباحة(الضرورة) هو وجود الحرج وقلة الخيارات والحاجة الفعلية مما تتوقف عليه الحياة ولتلك القاعدة اصول في الشريعة الاسلامية منها قوله تعالى في الاية(173) من سورة البقرة((إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) وقوله صلى الله عليه وسلم :" لا ضرر ولا ضرار"، وهذا الحديث النبوي الشريف مما لم يوفي حقه الشرح والتوضيع لانه يضم بين جنابته معاني بلغية وقواعد فقهية كثيرة ومنها الضرورة.
وقد ترد كلمة الضرورة مع القصوى فتكون الضرورة قصوى وهي ابعد مديات استخدام حالة الضرورة والتي غالبا ما نسمعها من قبل المؤسسات التنفيذية ومنها الادارات الامنية، وعلى الرغم من ان الادارة الامنية بشكل عام مقيدة بالاوامر والتعليمات وتعمل وفقا للنظام الداخلي لها والذي قد يعطيها الكثير من الصلاحيات ولو ان القيود الواردة على الوظيفة الامنية ليست كبيرة بل على العكس نجد ان غالبية النصوص في التشريعات تعطي للاجهزة الامنية مطلق الصلاحية من اجل حماية البلد، وقد توجد بعض التحديدات توضع كعناوين عامة امام عمل الاجهزة الامنية والتي لا تخرج عن فكرة تطبيق القوانين واحترام حقوق الانسان والمحافظة على مصالح الدولة الحيوية وتلك المحددات ايضا يمكن تجاوزها بفكرة او موضوعة "الضرورة" والتي تسند على مرتكزين: الاول هو التقييد والثاني هو السماح، والتقييد يعني وضع القيود على تصرفات الاجهزة الامنية والسماح تعني رفع او تجاوز تلك القيود عند حالات معينة.
ومما يفهم من نظرية الضرورة هو ان الادارة الامنية ليست مطلقة اليد لكي تعمل كل ما يحلو لها او ان تفعل في ساحة عملها ما تشاء من غير ضابط او رقيب وحتى محاسبة،  وهذا على عكس ما ترجوه الادارة الامنية وتعمل على انفاذه من كون الضرورة في العمل الامني امرا مطلوبا وبالحاح لان من اهم اهداف الادارة الامنية هو بذل الجهد بقصد التقليل من تأثير عمل الجهات المعادية وعندها تكون الضرورة لصالحها وتعتبر كل تصرف تقوم به امرا ضروريا لانجاح خطتها في فرض الامن والنظام وحماية المصالح الحيوية للبلاد.
ان العمل بنظرية الضرورة يعطي للادارة الامنية مجالا رحبا للعمل باقصى ما تملك ومن صلاحيات وربما تتجاوز ذلك بكثير وفي اغلب الاوقات خاصة في صراعها مع التنظيمات المسلحة المعادية، على ان ادبيات العمل الامني واستنادا الى فكرة التقييد تقضي ان اعمال خدمة الامن ليست مطلقة بالكامل من غير قيود مفروضة عليها قانونيا وادبيا، وان اخطر ما في نظرية الضرورة هو:-
اولا- احتمالية استهلاكها وقت طويل جدا قد يستمر لسنين وقد يضر بمصلحة الافراد والمصالح العامة والخاصة في في الدولة.
ثانيا- عدم وجود تفسير او تعريف متفق عليه لمعنى الضرورة وقد تستغل لاغراض سياسية وحتى اغراض شخصية.
ثالثا- تتيح للادارة الامنية استخدم القوة او اية وسيلة لغرض تحقيق اهدافها.
رابعا- سببا في حصول التذمر والاستياء الشعبي والذي قد يتطور الى اعمال عنف وعصيان.
خامسا- سببا في حصول الفساد المالي والاداري.
سادسا- تدفع بالجهات المعادية الى اللجوء الى خيار العنف المسلح كوسيلة مقابلة لعدم وجود القيود على اعمال خدمة الامن.
سابعا- تضمن للادارات الامنية عدم المساءلة او العقوبة.
ثامنا- تسمح للادارة الامنية في تصفية خصوم الادارة السياسية.
تاسعا- تمكن القيادات العسكرية التي تتولى القيام بمهام امنية استخدام القوة في التعامل مع المواضيع الامنية.

وقد تركن الادارة الامنية الى استخدام الضرورة كاحد متطلبات العمل الامني وهي بذلك لا تتدرج في استخدام الوسائل المتاحة وعلى سبيل المثال بدل من ان تضع خطة لغرض مكافحة الارهاب تتمادى في الموضوع او لنقل تخفق في موضوع المكافحة ووفقا لفكرة الضرورة تتحول من مكافحة الارهاب الى الحرب على الارهاب حيث يسهل لها استخدام القوة العسكرية بدلا من العمل التعرضي وهي بذلك تدفع الجهات الفاعلة في المجتمع وخاصة الطبقة السياسية للقبول بهذا الخيار وربما ساهم ذلك في خلق تكتلات سياسية غير مؤيدة او رافضة لفكرة منح الصلاحيات المطلقة للادارة الامنية على ان نفس تلك الكتل السياسية تنتهز الفرص للتنكيل بالادارات الامنية كلما حصل خرق في مكان معين بسبب ما تتبعه من وسائل لادارة اعمال خدمة الامن.
وبالرجوع الى فكرتي التقييد والسماح فان الادارة الامنية تعتبر العمل بنظرية الضرورة احد المكاسب التي تتمترس خلفها من اجل تنفيذ خططها خاصة وقت النزاعات والتوترات وحالات الطوارئ، اما القيادات السياسية في غالبية دول العالم فانها مع فكرة العمل بنظرية الضرورة ولكن وفق ضوابط معينة ولكن جميع تلك الدول تختلف في تفسير او وضع حدود معينة لتلك النظرية وخاصة اذا تطلبت اعمال حفظ الامن استخدام القوة العسكرية.
ان السماح للادارة الامنية باستخدام جميع الوسائل للتعامل مع الجهات المعادية او قد تكون مناوئة للعملية السياسية حيث تخضع غالبية الادارات الامنية كونها جزء من السلطة التنفذية الى تنفيذ قرارات ومطالب الحكومة او الجهة الاعلى التي ترتبط بها بشكل مباشر ومنها القوة قد يؤتي اكله في التعامل مع بعض الحالات مثل وجود العدو المسلح(تنظيمات، مجاميع مسلحة اقليات متمردة انشطة لدول) وقد يعود بالضرر اذا استخدمت تلك القوة ضد فئات الشعب الثائرة ضد الظلم والاعدالة او الفساد.
والاصل في تطبيق نظرية الضرورة:-
1- وجود الحاجة.
2- عدم التمادي بها.
3- تركها عند انتفاء الحاجة.

ان العمل بنظرية الضرورة  قد يتيح او يمكن الادارات الامنية في المستويات العليا من القيام بالكثير من الاعمال منها:-
1-   تحقيق مصالح البلاد العليا في الامن العام والمحافظة على سيادة البلد من خلال:-
أ- استخدام كافة وسائل العمل المتاحة في جانب العمل الوقائي او التعرضي.
ب- استخدام وسائل معينة ومنها وسائل قتالية من اجل الحاق الهزيمة بالجماعات المعادية او الارهابية وحتى الدول المعادية.
ج- رفع الحرج في استخدام بعض الوسائل غير المشروعة مثل استخدام العنف في انهاء التظاهرات او انها تمرد بعض الفئات او استخدام القوة من اجل اعادة الاوضاع الامنية الى سابق عهدها.
2-   المحافظة على وحدة الصف.
3-   المحافظة على الامن والسلم المجتمعي.
4-   استنفاذ الوسائل الاخرى ومنها الوسائل القانونية.
5-   دفع الاخطار الخارجية.
6-   حماية المكاسب.

ملاحظة: اما عن اهم مكاسب الادارة الامنية في تطبيق نظرية الضرورة هو تحيدها للقضاء وخاصة القضاء الاداري كونه لا يتعامل مع المواضيع التي لها علاقة: بالسيادة، والسلطة التقديرية وحالة الضرورة والظرف الاستثنائي.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق