امن الافراد The security of individuals -امن المعلوماتInformation Security-امن المواد والمنشأت materials and constructions Security

قفشات

3d

تنويه: تقوم ادارة المدرسة باجراء تعديلات وتصويبات على المحاضرات المنشورة بشكل مستمر وحسب الحاجة يرجى الانتباه.

الأربعاء، 20 نوفمبر 2019

المحاضرة الثالثة - القواعد الذهبية المتعلقة بالتجنيد



   التجنيد

Recruitment

     الدكتور
      مظهر الشاكر


المحاضرة الثالثة


القواعد الذهبية المتعلقة بالتجنيد

       كان من الطبيعي الإستمرار في الحديث عن موضوع التجنيد ولكن واقع الحال يتطلب الإنتقال بشكل سريع الى أحد أهم الموضوعات المتعلقة بعملية التجنيد ألا وهو موضوع أهم القواعد الواجبة التطبيق أو التي يجب على القائمين بالتجنيد التمسك بها على إعتبار أننا نتحدث عن أشخاص إمتلكوا بعض الخبرات وكسبوا بعض المهارات أثناء فترة عملهم في الدوائر الأمنية المختلفة وهم بحاجة الى منهاج أو دليل عمل لضمان عدم الوقوع في الخطأ والإستفادة من تجارب الأخرين في هذا المجال، وهذا النوع من القواعد مفتوح ويقبل الإضافة وليست قواعد جامدة وإن كانت أسياسية ولا تخضع لمتطلبات الواقع العملي أو التطبيقي.

    إن قواعد العمل الذهبية العامة تتعلق بسلوك الإدارات والعاملين في مجال أعمال خدمة الأمن من الذين يحق لهم ممارسة أو القيام بعمليات تجنيد وفق خطة معينة، إن هذه القواعد متى ما تم الإعتماد عليها وتنفيذها بشكل مستمر ورافق ذلك وجود تبني لها أو تأييد من قبل الإدارة أو القيادة الأمنية تتحول تلك القواعد الى أعراف يتحقق فيها وجود الركن المادي المتمثل بالوضوح والزمن والإستمراية أو الركن المعنوي المتعلق بالاعتقاد والإلتزام، ومن ثم تصبح قواعد ضابطة ومنظمة للسلوك فيما يتعلق بعملية التجنيد.

      وحقيقة الأمر أن القواعد العامة المتعلقة بالتجنيد تشبه إسلوب " إفعل أو لا تفعل " على أنه قد يخرج شخص ويقول من القواعد الذهبية هم عدم تجنيد صغار السن ولكني نجحت في تجنيد أحدهم، ونقول في ذلك أن أعمال خدمة الأمن ليس ساحة للتجارب في العلن أنما هي جهود متخفية حول قناع من السرية والغموض ومتمترسة حول قواعد وأنظمة قانونية وإجرائية صارمة لا تقبل الخطأ لان الخطأ يعني الخسارة والخسارة في مجال إعمال خدمة الأمن قاسية وضررها كبير وخطرها جسيم.
أهم القواعد الذهبية المتعلقة بعملية التجنيد:
1- الأصل في عملية التحرك للتجنيد أن يكون لديك ذلك الإحساس بأنك تحت نظر الجهاز الأمني التي تعمل لصالحه وأنك تتلقى الدعم والإرشاد والنصح منهم، وأنك بذلك تنفذ تلك العملية تبعا لمصالح البلد وليس لمصالح شخصية أو حزبية أو قومية أو دينية أو مذهبية.
2- الأجزاء الخاصة في الأماكن العامة هي الأماكن الحقيقية لغرض مفاتحة الأخرين للعمل.
3- إجعل الأخرين يجدون المتعة والراحة عند الحديث معك ولا تكن مملا ومنفرا أو مستهزئا ولا تظهر سخطك وعدم رضاك أو قناعتك.
4- جلسة المفاتحة المباشرة يجب أن تكون بأقصر وقت ممكن وحسب خصوصية المكان وإذا طالت عن فترة معينة فإجعلها سهرة أو دعوة وليس مفاتحة.
5- لا تكون هناك مدة بين المفاتحة واللقاء الثاني ويجب أن يكون الوقت محسوبا بشكل دقيق وإذا كأنت هناك أداة للتواصل أكتب له رسالة نصية تشعره بأنك مهتم مثل الإطمئنان على سلامة الوصول أو الصحة وتحسن المزاج.
6- إذا لم يعطيك المجند أو يعرك أي إهتماما لك أو لحديثك فمن باب أولى عدم مفاتحته وتركه لغيرك لأن الإنطباع الأولي يصعب تغيره إلا بحدث كبير.
7- تجنب إستخدام الفاظ مثل الجاسوس أو العميل أو العميل المزدوج عند الحديث مع المجند بل الفاظ أخرى مثل المتعاون أو المؤتمن أو الصديق وفي بعض الدول مثل روسيا يسمى المتعامل مع الخدمة الخارجية بالجاسوس وفي الولايات المتحدة الوكيل، وعلى الرغم أن كلمة الجاسوس قد تم توظيفها إعلاميا للإشارة الى الجانب السيء في عمل الوكلاء والمتعاونين حتى وصل بنا الحال الى الإقتناع بمقولة هتلر: أنا أحتقر الشخصية الجاسوسية حتى تلك التي تعمل لحسابي ولحساب دولتي.
8- التجنيد في المؤسسات الحكومية أسهل من التجنيد في الأعمال الخاصة بحكم وجود الأقارب أو الإخلاص الزائد والأفضل هو وجود وكيل من الوكلاء التنفيذين يتولى تلك المهمة أو أن يكون ما يحصله عليه المجند أفضل ويمكن إستغلال العداوة أو الحسد أو التنازع على النفوذ أو السلطة أو المال بين الأقارب لغرض النفاذ منه.
9- إن أسهل شيء في عملية التجنيد أن تجند شخص لكي يقوم بأعمال لا يقدر قيمتها الحقيقية أو شخص يعي بأن ما يقوم به أمر كبير يستحق المغامرة أو المخاطرة وفي كلا الحالتين يجب إرضاء فضول المجندين.
10- إبلاغ المجند بأن الشخص القائم بالتجنيد يجب عدم ذكره أو الحديث عنه لأقرب الناس وخاصة الزوجة والأهل فهم بوابة الخطر الأول.
11- إذا كنت لا تملك الخبرة لتجنيد شخص معين فعلى الأقل إمتلك الشجاعة لتقول ذلك للمسؤولين عنك.
12- لا تجند اثنان من عائلة واحدة فأما أن يكون بينمها سباق أو أن يكون رد فعل الأخ الأخر إنتقاميا إذا تعرض أخية لاي شدة أو تصرف معين.
13- لا تجند صغير السن أو طفل صغير فيفضح نفسه ويفضحك وهو مخالف أيضا لأخلاقيات العمل المطلوب التمسك بها.
14- المجند أمانة فحافظ عليه طيلة فترة عمله معك.
15-  تذكر بأن عملية التجنيد يقوم بها شخص خلفه عشرات الأشخاص منهم من يراقب ومنهم من يقيم ومنهم من ينصح ومنه من يدرب ومنهم من يدعو لك أو عليك.
16- لا تصل الى هدفك بشكل سريع وأنما قسم خطة الوصول للهدف أما على شكل مراحل زمنية أو دوائر وابدأ من الدائرة الأبعد وصولا الى دائرة المركز أو بالعكس، ومن أجل التوضيح فأنه في بعض الحالات ينفع ان تبدأ من الدائرة الأبعد وصولا للأقرب وحالات أخرى يكون البدء بالدائرة الأقرب ومن ثم الإنتهاء بالدائرة الأبعد وهو يخضع للظروف المتعلقة بكل عملية تجنيد، لأن عمليات التجنيد بصورة عامة لا تتشابه فلكل عملية ظروفها الخاصة بها.
17- السرية في العمل الأمني مطلوبة وتهدف الى:
   أ- التعرف على كيفية إدارة الوكلاء من غير أن تعرض نفسك أو غيرك للخطر.
  ب- الوقوف على الآليات التي تعمل بها أجهزة الأمن في الدول كافة في التصدي للتجنيد ومكافحة الإرهاب أو التصرف عند حصول الخرق.
  ج- الآليات التي تتبعها الأجهزة الأمنية في تمشية أعمالها اليومية.
   د- المصير المجهول في حالة الكشف أو إلقاء القبض.
18- وجوب أن يتم تسوية أو وضع نهاية لأي عملية تجنيد إلا إذا كأن التجنيد مفتوحا يفضل أن ينتهي مهما طالت المدة، وعدم الإنتظار الى أن يحصل تغيير عنيف أو شديد.
19- إحاطة عملية التجنيد بالغموض من خلال لقاءات في أوقات متفرقة في أماكن تعطي إيحاء بالغموض والسرية.
20- يجب عدم إغفال العين(المراقبة) عن المرشح للتجنيد أو المجند.
21- التدريب الجيد للمجند يعني نتائج جيدة ويجب أن يكون التدريب مستمرا مواكبا للظروف والواقع والتطورات وليس التدريب عن كل شيء.
22- وضع الترتيبات لغرض سحب المجندين من مواقع الخطر.
23- القيام بعملية إستبدال للشخص القائم بالتجنيد والخطط إذا تم كشف العملية وخاصة إذا قام الشخص المرشح بإخبار أجهزته الأمنية إذا كأن اجنبيا أو كشف العملية لإعتبارات معينة أو نتيجة توجيهه من جهة أمنية أو إجتماعية، وقد يحصل أن يتخلى الشخص المكلف بالعملية من أداء مهمته وربما يطلب اللجوء أو يهرب بعيدا عن أنظار الأجهزة الأمنية إذا كأن متورطا في قضية معينة أو كونه مزدوجا.
24- المتطوع للتجنيد الذي يراجع السفارة يجب إبلاغه بأن هذه مكان عمل ولكن بعد طرده بشكل مهذب او حتى بشكل معنف من قبل عناصر الإستعلامات أو العلاقات العامة يتم تكليف أحد الأشخاص من العاملين في الأجهزة الأمنية (المحطة الخارجية ) لغرض متابعته ومن ثم التحرك عليه بعد أن يجري التأكد كونه ليس طعما أو موضوع تحت المراقبة من قبل جهات أخرى وبالتالي يتم كشف الشخص الذي يحاول الإتصال به ويفضل أن لا يخرج الشخص الذي يتولى الحديث مع المرشح من داخل السفارة أنما يكون من الذين يعملون بالأساس خارج السفارة والأصل في ذلك وجود عناصر خارج السفارة يتدخلون بالوقت المناسب.
25- التغيرات التي تطرأ على عناصر الأجهزة الأمنية يجب أن تؤخذ بنظر الإعتبار وأن تكون موضوع شك وفحص وتحقيق من قبل الإدارات الأمنية عن طريق وسائل خاصة، لأن أفراد الأجهزة الأمنية معرضين أيضا للوقوع في فخاخ الأجهزة الأمنية الاخرى أو الإنجراف نحو المغريات أو لأسباب أخرى كما حصل في موضوع" هارولد ادريأن رسل فيلبي" المعروف بإسم "كيم فيلبي" عنصر المخابرات البريطانية الذي تم تجنيده للعمل لصالح الإتحاد السوفيتي وهروبه عام/1963م الى روسيا وبقاءه هناك حتى وفاته عام/1988م ودفن في روسيا ايضا وكان أهم سبب في قبوله العمل لصالح مخابرات الإتحاد السوفيتي هو فكرة التجنيد على أساس عقائدي كونه كأن مقتنعا بالفكر الإشتراكي التي تمثله الشيوعية، ويقال بأن هذا التأثير حصل له منذ بدايات الدراسة في الجامعة، أن كثيرا من الشباب كانوا يرفضون الواقع التي كأنت  تمر به أوروبا أو الدول التي تسير في ركاب الولايات المتحدة وتنفذ سياساتها وخاصة في مواجهة حلف وارشو والإتحاد السوفيتي على وجه التحديد كونه حسب ما كان يشاع بأنه نصير لحركات التحرر في العالم ومساعدة الدول المتضررة من التصرفات الامريكية، وقد ينطبق ذلك على جميع الأفراد في كل مكان ممن يرون في عدم إستجابة واقعهم الى أهدافهم طموحهم ويرون في تجارب الدول الأمم أو الشعوب الأخرى محط إحترام وتقدير.
26- إبتعد عن تجنيد مرشح يمتاز بالأتي:
   أ- شخصيته مهزوزة أو متقلب الآراء والأفكار.
   ب- أو شخص كثير المزاح أو كثير التشكي.
   ج- وكذلك الإبتعاد عن الأشخاص الذين يحاولون تقوية مراكزهم الإجتماعية عن طريق إيصال رسائل من قبلهم الى الأقارب أو المحيطين بإنتمائهم الى الأجهزة الأمنية.
   د- شديد الإنتقاد للأوضاع السائدة في البلاد فقد يكون ذلك نابعا من حرصه ووطنيته.
   هـ- كان صديقك أو زميلك ذات يوم في مراحل الدراسة أو العمل لأنه قد يعلم بعض أسرارك أو نقاط ضعفك فيستغل ذلك ويتصرف معك من باب الصداقة أو الزمالة وليس ضمن قواعد عمل أمني محترف مطلوب فيه دقة وسرية وموضوعية.
   و- إبتعد بأدب عن ترشيح معلميك وأساتذتك في المراحل الدراسية كافة حتى لو عرض الموضوع عليك من قبل رؤساؤك في العمل ودع غيرك يتولى ذلك.
27- عند تجنيد شخص أو زرع شخص مجند في مكان معين فيجب أن يكون ذلك المجند أما أن من نفس الوسط أو أن يكون قد تعلم مهارات وإكتسب خبرات تؤهله للعمل تحت قاعدة المثل العراقي "صانع الأستاذ أستاذ ونصف " في ذلك الوسط وإلا فان الموضوع لا يتعدى الدفع بالمجند نحو الضرر الذي قد يصيبه ويكشف الجهة التي تقف وراء عملية التجنيد، مع مراعاة المصالح الفضلى فتجنيد شخص وزرعه وسط السجناء يجب أن يكون المجند ممن له سوابق أو من نفس هذا الوسط أو تمت تهيئة قصة رسمية لغطائه تجنبا لكشفه ومن ثم قد يتعرض للتصفية الجسدية أو الفضيحة بعد أن يكون قد تم إعداده بشكل جيد.
28- في حالة عدم وجود ضرورة قصوى تجنب تكليف المجند بإعمال المراقبة الآلية أو الراجلة أما المراقبة الفنية فقد يكون فيها وجهة نظر وتستخدم بحذر شديد لأنه قد يتم كشفه وبالتالي حرقه أو حتى إمكانية التعرض عليه وتصفيته إذا كان يعمل في مناطق نفوذ جهات أخرى مثل أجهزة مخابرات أخرى أو شبكات تجارة الأسلحة والمخدرات والدعارة والتجارة بالبشر وكشف الجهة التي تديره. 
29- المجند أولا وأخرا إنسان يمر بحالات من الضعف والتردد والعجز والكسل والتمرد فكن حاضرا عند حاجته اليه من غير أن يكون حضورك مملا ومنفرا.
30- قرار تجنيد العميل المزدوج من إختصاص الإدارة أو القيادة الأمنية.
31- القاعدة الذهبية العامة: أخطاء الإدارة هي من يتسبب دوما في التضحية بالمجندين.




الأربعاء، 30 أكتوبر 2019

المحاضرة الثانية- فلسفة التجنيد



التجنيد


Recruitment




الدكتور 

مظهر الشاكر




المحاضرة الثانية

فلسفة التجنيد

       لكل عمل طبيعة معينة تميزه وفلسفة خاصة تقف ورائه وتعتبر عنوانا دالا عليه ويمكن من خلال فعل معين إثبات كونه موجودا ومؤثرا، فالبعض يجد في عملية القبول بالتجنيد خدمة وواجب يؤديه والأخر يعتبرها خيانة والبعض الأخر يجدها متعة ومغامرة.. على أن الفكرة الأساسية له هي البحث عن الحقيقة وتسخيرها لغرض معين وفي أعمال خدمة الأمن التي تعني الحفاظ على مصالح البلد وحمايتها.

     جاء في قصيدة الشاعر العراقي الكبير بدر شاكر السياب " غريب على الخليج ":

إني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون.
أيخون إنسان بلاده ؟ 
إن خان معنى أن يكون، فكيف يمكن أن يكون.

     تكمن الفكرة العامة لفلسفة التجنيد في كيفية تسخير إمكانيات أفراد معينين وتوظيفها في مجال أعمال خدمة الأمن وعملية الفهم الحقيقي للفلسفة التي بني عليها موضوع التجنيد تبرز أهميته وضرورة التقيد بضوابط معينة من أجل إعماله على أتم وجه ومن ثم تطويره إستنادا الى متطلبات خدمة الأمن من خلال النجاحات التي تحققها عملية التجنيد، والأساس فيها هي تلك التصورات والقناعات التي تحصل لدى القائمين بعملية التجنيد والفوائد التي يمكن التحصل عليها من تلك العملية بما يفتح من أفاق معرفية وإجراءات حمايوية أو تعرضية.
      إن متطلبات ومعاضل الأمن هي من تدفع بإتجاه تبني خيار تعدد مصادر المعلومات لأن موضوع الحصول على المعلومات أو القيام بأنشطة أخرى مثل التخريب والهدم هي أحد المشاكل الحقيقية التي تعاني منها الأجهزة الأمنية بمختلف أنواعها.
       عام/1985م كنت أستمع الى محاضرة عن أهمية التجنيد وكان المحاضر يطلب من الجميع مسايرته في الكتابة حيث يتكلم بسرعة والمستمعون يكتبون فإنتبه المحاضر بأني لا أكتب فإستفهم مني قائلا: أنت لا تستطيع مجاراتي هل أتكلم بسرعة هل إستوعبت المحاضرة؟ إستحيت أن أقول له نعم وأنما حركت رأسي... إستمر وبعد أن أنهى محاضرة حوالي ساعة ونصف قال: إمتحان(كوز)..س: ما هو مفهوم التجنيد ؟  الإجابة خلال خمسة دقائق...
       وبعد أنتهاء الامتحان وتسليم الأوراق بدأ المحاضر يتصفح الإجابة ثم رفع رأسه وقال: من فلان؟ رفعت يدي: أنت: قلت نعم: ثم توجه نحو المستمعون... أتدرون ما كتب صاحبكم؟.. لقد كتب عشرة كلمات إختصر فيها محاضرة ساعة ونصف: لقد كتب:
التجنيد: خطة- مال - ضغط - إقناع- إحتضان متطوع- وطن يخان أو يصان...
        ضحك جميع من في القاعدة وأكلتني نظراتهم ثم أردف المحاضر قائلا: الحمد لله.. إذ إستطعت خلال ساعة ونصف من أن أوصل هذه الفكرة والتي هي جوهر المحاضرة....ثم نهض وتقدم صوبي رأيته يمد الي يده ليصافحني نهضت مددت اليه يدي سلمت عليه..شكرني وأنصرف وقال: للمستمعين خذوا أوراقكم لقد تركتها على المنضدة.. رأينا الأوراق لم يعلق على أي منها وأنما كتب على ورقتي..نعم، تحتها ثلاثة خطوط.

     بقت هذه الورقة عندي فترة طويلة وحرقتها حين دخلت القوات الامريكية بغداد عام/2003م كنت أخرجها كل فترة أقرئها وأقول مع نفسي إذا كنت أنا إختصرت مفهوم التجنيد بعشرة كلمات فلقد إختصر هذا المحاضر جهد السنين بهذه الكلمة..
     أخبرني أحد الاصدقاء أنه قام بتجنيد شخص معين لغرض القيام بعمل ما فما كان من الشخص المجند ألا أن طلب إجازة حسب قوله ثم ذهب وإنقطعت أخباره وعاد بعد حوالي شهر وعندما عاد سائله صديقي عن غيابه طيلة هذه المدة فأخبره أنه كأن يستعد حيث قضى هذا الوقت في الأسواق لشراء معاطف وقبعات مع تغير في طريقة قص شعره، فما كان من صديقي إلا أن يخبره بعدم الحاجة لخدماته، سألته لماذا قال لا أدري ولكن تمشي الأمور هكذا، ثم بعد حوالي عشر سنين تذاكرت معه حول الموضوع، فتذكره وقال لي كان يريد أن يصبح شارلك هولمز ولم اك مستعدا وقتها لإدارة شخص مثله، ولا يخفى على أحد أن عمليات الأمن تبنى على الشك ولهذا تطلب الأمر الحذر عن التعامل مع موضوع حساس مثل موضوع التجنيد، أما عن أهم مرتكزات فلسفة التجنيد فهي:
1- التصرف العقلاني المستند على منطق واضح ومفهوم.
2- معرفة بعلم الأنثروبولوجيا المتعلق بكل ما يتعلق بالجنس البشري وما يتميز به الأنسان وطبيتعه المختلفة عن سائر الخلوقات الأخرى، ومنها معرفة تفصيلية بخصائص أعراق معينة في الجنس البشري تسهل للقائم بعملية التجنيد دراسة أو معرفة الصفات العامة للشخصية المراد تجنيدها وإرتباطاتها العرقية والدينية وأماكن تواجدها، فعملية تجنيد إبن البادية ليست مثل عملية تجنيد إبن المدينة والساكن في الجنوب ليس مثل الساكن في الشمال وإبن الشرق لا يشبه إبن الغرب.
3- وجود الأخلاقيات في العمل الأمني ينعكس بشكل جلي على عملية التجنيد بسبب وجود المغريات مثل النساء والمال والشهرة والسلطة.
4- أن تكون عملية التجنيد نتاج عمل أو عقلية ذات نهج ثقافي أو سياسي أو إجتماعي معين لهذا لا تتشابه عمليات التجنيد في دول العالم بسبب الإختلافات في طبيعة الأنظمة الحاكمة والفاعلة أو المسيرة لأعمال خدمة الأمن في تلك الدول.
5- كيفية التصرف في الوسائل المتاحة أو الموارد المالية والبشرية المتاحة فنجد بعض أجهزة الأمن تعتمد على الكادر النسوي وفي دول أخرى لا تتوفر مثل هذه الفرص أو الإمكانية فيها حتى أنه لا يوجد من ضمن منتسبيها عناصر نسائية.
6- الفكرة التي يبنى عليها مفهوم الأمن من كونه يمثل أحد فروع العلوم الإجتماعية والتي لها علاقة مباشرة بحياة الناس ومن كونه أحد متطلبات التنمية.
7- الحاجة الى وجود المؤسسات والوسائل المتعلقة بعملية التأهيل والتدريب.
8- عدم أغفال الجوانب الروحية وخاصة عن المجتمع الشرقي.
9- أن تتوافق متطلبات إدارة المتعاونين مع مقتضيات الحكمة.
10- عدم إغفال النواحي الجمالية من خلال:
   أ- حسن المنظر والملبس والأناقة والذوق الرفيع من قبل ضباط المتابعة.
   ب- حسن إختيار الكلمات أثناء الحديث مع المتعاون.
   ج- الإبتعاد عن المزاح الثقيل أو التجهم في وجه المتعاون.
   د- إختيار الهدايا القيمة أو المحببة على نفس المتعاون.
   هـ- وسائل تدريب مسلية وممتعة وعملية ومفيدة.
   و- رفق ولين عند حصول الخطأ.
   ز- معرفة بأنواع الفنون والآداب ومجاراة المتعاون فيما يحب من شعر وموسيقى وغناء أو هويات وتشجيعه على ذلك وتقديم كل أشكال الدعم المالي والفني من أجل عمل مشاريع فنية تعود بالفائدة المالية والمعنوية للمجند.

   ح- التركيز على جماليات الطبيعة لهذا إحرص على أن يتمتع المتعاون وهو معك بما في الطبيعة من نواحي جمالية من خلال أماكن اللقاء أو التدريب.








الأحد، 20 أكتوبر 2019

المحاضرة الأولى- مدخل لفهم عملية بالتجنيد


التجنيد

Recruitment


 محاضرات مادة التجنيد

للدكتور
مظهر الشاكر


المحاضرة الأولى


 مدخل لفهم عملية بالتجنيد

       تمارس غالبية الإدارات وعلى كافة ومختلف المستويات ومنها الإدارة الأمنية عملية تجنيد إلا أن عملية التجنيد التي تجريها الإدارة الأمنية تسري باتجاهين:

الاتجاه الأول:
       عملية تجنيد فيما يخص العاملين فيها وهو عمل إداري صرف ويتعلق بأداء الوظيفة الأمنية إسوة بباقي الوظائف، وأصل التجنيد في أعمال الإدارة إختيار أفضل الأشخاص لغرض أداء العمل ما داموا يتقاضون رواتب أو مكافئات على تلك الأعمال التي يقومون بها، لأن مصطلح التجنيد بمفهومه العام قد يعني التوظيف والإستخدام.

الاتجاه الثاني:
       عملية تجنيد من أجل الحصول على مصادر للمعلومات أو القيام بأعمال ذات طابع أمني وهو عمل أمنى كونه يخص أعمال خدمة الأمن وهو متنوع ويختلف حسب الواجب والحاجة مثل: تجنيد وكلاء أو القيام بعمليات هدم أو تخريب.

       إن كلا العمليتين يكاد يكون متقارب من حيث المفهوم ومختلف من حيث الكيفية، وعملية تجنيد الأجانب التي تدخل ضمن أعمال (Foreign Intelligence Service -FIS) أو ما يعرف بالخدمة السرية وهي من إختصاص جهاز المخابرات سواء كأن هؤلاء الأجانب في داخل البلد أو خارجه، فجهاز المخابرات هو الجهة الأمنية الوحيدة التي يحق لها التعامل مع الأجانب مهما كأن توصيفهم داخل البلد وخارجه ويحق له أيضا تجنيد مواطنين من نفس البلد سواء كانوا مواطنين عاديين أو كانوا عملاء لجهات اجنبية، أما جهاز الأمن العام ومن يقوم بنفس الأعمال الأمنية التي يقوم بها فيما يتعلق بالأمن الداخلي أو ما يتعلق بإقليم الدولة وما يستتبعه فيحق له تجنيد مواطنين البلد ومن له إقامة أو متواجد من الأجانب في ذلك البلد مثل اللاجئين.
       وأما جهاز الأمن العسكري فله الحق في تجنيد مواطني البلد مدنيين وعسكريين وأعضاء الجماعات المسلحة الأجانب والأجانب خارج البلاد ممن لهم علاقة بالجانب العسكري وليس له علاقة بالأجانب داخل البلد الذي يتواجدون بشكل مشروع بإستثناء أعضاء الملحقية العسكرية وليس لجهاز الإستخبارات الذي يمارس واجبات إستخباراتية صرفه تتعلق بالعدو والعدو المحتمل والأرض والطقس من التعامل مع الأجانب تحت أية ذريعة إلا في حالات الحروب والعمليات الخاصة التي تنفذ خارج الحدود، ويمكن أن يمارس أعمال تجنيد محدودة في المناطق القريبة من ساحة العمليات أو المناطق الساخنة أو مناطق التوترات وكذلك تجنيد بعض أفراد المليشيات والقوات المدنية التي تقوم بأعمال عسكرية لإسناد القوات المسلحة أو عند مقاومة قوات معتدية أو محتلة، لأن عنصر الإستخبارات إذا قام بعملية جمع معلومات عن العدو وتم القاء القبض عليه لا يعتبر جاسوسا أنما أسير حرب إسوة بباقي الأصناف من الأسرى إستنادا الى أدبيات القانون الدولي الإنساني، ومنها ما جاء في اتفاقية جنيف الثالثة لعام/1949م بشأن معاملة أسرى الحرب حيث  تناولت المادة (4) من هذه الاتفاقية فئات المشمولين بالحماية من الواقعين تحت الأسر ومنهم: -
   "1- أفراد القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع، والمليشيات أو الوحدات المتطوعة التي تشكل جزءاً من هذه القوات المسلحة"، والعاملون في مجال الإستخبارات مشمولون بهذه الحماية كونهم من أفراد القوات المسلحة، وحتى ولو أن قوة عسكرية قامت بعملية إنزال خلف خطوط التماس وقامت بأسر بعض العسكريين ومنهم العاملين في مجال الإستخبارات فهؤلاء يعتبرون أسرى حرب ومشمولون بالحماية الدولية.

       والمجند للعمل في جهاز المخابرات إذما تم القاء القبض عليه من قبل جهات أجنبية بشكل مباشر أو عن طريق طرف ثالث فأما أن يتم إستبداله بموجب عملية تبادل عامة أو خاصة أو التخلي عنه أو إيقاع أشد العقوبات به ويعتمد ذلك على درجة تصنيفه وأهمية موقعه وفاعليته وأما المجند ضمن أعمال الأمن العام فأنه يمارس عمله داخل بلاده فهو في منعة وحماية ما دام يعمل وفق الضوابط والتعليمات ويراعي في عمله قواعد ومبادئ حقوق الإنسان والسرية.
       إن التجنيد أحد متطلبات أعمال خدمة الأمن الضرورية وهو من الوسائل التي أثبتت فاعليتها وبيان خطورتها ومستوى تأثيرها وما تأخذه من مساحة حقيقية في أعمال خدمة الامن وخاصة الأعمال التي يصعب معها زرع عنصر أمن في كأن معين، وقد يتولى الضباط العاملين في الأجهزة الأمنية إدارة العديد من الوكلاء وحسب ساحة العمل أو الاهتمام.

      والتجنيد وسيلة قديمة لجأت اليها المنتظمات السياسية والإجتماعية والدينية في معرفة ما لدى الغير من تدابير وفعاليات ومعلومات حيث سجل لنا التاريخ حوادث واضحة في بيان دور ومفهوم وتأثير هذه العملية مثل: قصة دليلة وشمشون، مرورا بقصة إستشهاد نبي الله يحيى عليه السلام بطلب من إحدى بغايا بني إسرائيل، وقضية وحشي قاتل حمزة في معركة اُحد وقصة قطام وإبن ملجم في حادثة إستشهاد الإمام علي عليه السلام، والى هذا اليوم تحصل العشرات من عمليات التجنيد في مختلف دول العالم.

       إن أعمال الخدمة السرية وأعمال مكافحة التجسس (Counter espionage) بحاجة الى جهد منظم في أدارة الوكلاء أو المجندين وفي المقابل يتطلب واقع الحال إجراء عملية تحصين مستمرة للجميع العاملين في الأماكن المهمة أو الأشخاص الأكثر عرضة للتحرك نحوهم بهدف تجنيدهم من خلال بيان الإجراءات المضادة لعملية التجنيد وأهم شيء تحصين المسؤولين وكذلك العاملين في الأجهزة الأمنية ولاسيما إذا طلب أحد الوكلاء اللقاء بأحد العاملين في مجال الخدمة السرية أو إذا حدد شخص معين بعينه(من باب أنه سمع بإسمه من شخص مقرب أو بسبب ما يتمتع به من شهرة)، ويجب أن يتولى المقر الأعلى ودائرة أمن الجهاز الأمني بحكم ما يمتلكه من وسائل مختلفة عمليات التدقيق المستمر لجميع الأنشطة المعادية الموجهة ضد العاملين بإمرته المتعلقة بكشف المسؤولين عن عملية التجنيد من خلال تقاطع المعلومات من المصادر المختلفة، مع الأخذ بنظر الأعتبار رغبة وإستعداد بعض المجندين وقناعتهم على أن ما سيقومون به ليس بالضرورة أن يندرج تحت توصيف الخيانة أو التعامل مع العدو، ولاسيما إذا كان التجنيد قد حصل على أساس عقائدي.

      وقد رأينا أن أخس عمليات التجنيد هي تلك التي تحصل بهدف الإيقاع بأحد العاملين في الأجهزة الأمنية لأن عنصر الأجهزة الأمنية إذا كان عليه مؤشر معين أو ضعف أو خلل في جانب معين فمن الأولى أن يتم استدعاؤه وتنبيه مرة أو مرتان وأكثر ومن ثم إتخاذ ما يلزم بحقه من إجراءات قد تصل الى الطرد أو الإستبعاد من غير اللجوء الى خيار دفع شخص تجاهه بقصد تجنيده للقيام ببعض الأعمال المخجلة بحقه وحق الجهاز الأمني الذي يعمل فيه، أن بعض الأجهزة الأمنية لا تقر حصانة العاملين فيها بسبب عدم مهنيتها وحرفيتها فهي قد تعمد الى تجنيد أحد الأشخاص للإيقاع بأحد العاملين لديها في إشارة واضحة الى إفلاسها وإنحطاطها من غير أن تلجأ الى أحد الوسائل القانونية المتاحة.

الثلاثاء، 22 يناير 2019

الامن التكويني


تنويه:
الى المهتمين بموضوع الامن التكويني تم بحمد الله وفضله اعداد كتابا حول الموضوع 
من تأليف الدكتور مظهر الشاكر وهو يتناول خلاصة افكاره وتجربته في مجال التدريب الأمني مع طرح رؤيته لعملية التكوين الأمني بما يتناسب ومتطلبات اعمال خدمة الامن في الوقت الحاضر وتضمن الكتاب مواضيع متعددة مثل:
1- اساسيات الامن التكويني.
2- بيان موقع الامن التكويني من فلسفة التدريب.
3- الحاجة الامن التكويني.
4- عناصر خطة التكوين الأمني.
5- مناهج تدريبية وتعليمية مقترحة لمختلف المستويات.
وهناك مواضيع أخرى بالإمكان الاطلاع عليها وعلى الرابط ادناه: