التجنيد
Recruitment
محاضرات مادة التجنيد
للدكتور
مظهر الشاكر
المحاضرة الأولى
مدخل لفهم عملية
بالتجنيد
تمارس غالبية الإدارات وعلى كافة ومختلف المستويات ومنها الإدارة الأمنية
عملية تجنيد إلا أن عملية التجنيد التي تجريها الإدارة الأمنية تسري باتجاهين:
الاتجاه الأول:
عملية تجنيد فيما يخص العاملين فيها وهو عمل إداري
صرف ويتعلق بأداء الوظيفة الأمنية إسوة بباقي الوظائف، وأصل التجنيد في أعمال
الإدارة إختيار أفضل الأشخاص لغرض أداء العمل ما داموا يتقاضون رواتب أو مكافئات
على تلك الأعمال التي يقومون بها، لأن مصطلح التجنيد بمفهومه العام قد يعني
التوظيف والإستخدام.
الاتجاه الثاني:
عملية
تجنيد من أجل الحصول على مصادر للمعلومات أو القيام بأعمال ذات طابع أمني وهو عمل أمنى
كونه يخص أعمال خدمة الأمن وهو متنوع ويختلف حسب الواجب والحاجة مثل: تجنيد وكلاء أو
القيام بعمليات هدم أو تخريب.
إن كلا العمليتين يكاد يكون متقارب من حيث المفهوم ومختلف من حيث الكيفية، وعملية
تجنيد الأجانب التي تدخل ضمن أعمال (Foreign Intelligence Service -FIS) أو ما يعرف بالخدمة السرية وهي من إختصاص
جهاز المخابرات سواء كأن هؤلاء الأجانب في داخل البلد أو خارجه، فجهاز المخابرات
هو الجهة الأمنية الوحيدة التي يحق لها التعامل مع الأجانب مهما كأن توصيفهم داخل
البلد وخارجه ويحق له أيضا تجنيد مواطنين من نفس البلد سواء كانوا مواطنين عاديين أو
كانوا عملاء لجهات اجنبية، أما جهاز الأمن العام ومن يقوم بنفس الأعمال الأمنية
التي يقوم بها فيما يتعلق بالأمن الداخلي أو ما يتعلق بإقليم الدولة وما يستتبعه
فيحق له تجنيد مواطنين البلد ومن له إقامة أو متواجد من الأجانب في ذلك البلد مثل
اللاجئين.
وأما
جهاز الأمن العسكري فله الحق في تجنيد مواطني البلد مدنيين وعسكريين وأعضاء
الجماعات المسلحة الأجانب والأجانب خارج البلاد ممن لهم علاقة بالجانب العسكري
وليس له علاقة بالأجانب داخل البلد الذي يتواجدون بشكل مشروع بإستثناء أعضاء الملحقية
العسكرية وليس لجهاز الإستخبارات الذي يمارس واجبات إستخباراتية صرفه تتعلق بالعدو
والعدو المحتمل والأرض والطقس من التعامل مع الأجانب تحت أية ذريعة إلا في حالات
الحروب والعمليات الخاصة التي تنفذ خارج الحدود، ويمكن أن يمارس أعمال تجنيد
محدودة في المناطق القريبة من ساحة العمليات أو المناطق الساخنة أو مناطق التوترات
وكذلك تجنيد بعض أفراد المليشيات والقوات المدنية التي تقوم بأعمال عسكرية لإسناد
القوات المسلحة أو عند مقاومة قوات معتدية أو محتلة، لأن عنصر الإستخبارات إذا قام
بعملية جمع معلومات عن العدو وتم القاء القبض عليه لا يعتبر جاسوسا أنما أسير حرب إسوة
بباقي الأصناف من الأسرى إستنادا الى أدبيات القانون الدولي الإنساني، ومنها ما جاء في اتفاقية جنيف الثالثة
لعام/1949م بشأن معاملة أسرى الحرب حيث تناولت المادة (4) من هذه الاتفاقية فئات
المشمولين بالحماية من الواقعين تحت الأسر ومنهم: -
"1-
أفراد القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع، والمليشيات أو الوحدات المتطوعة التي
تشكل جزءاً من هذه القوات المسلحة"، والعاملون في مجال الإستخبارات مشمولون
بهذه الحماية كونهم من أفراد القوات المسلحة، وحتى ولو أن قوة عسكرية قامت بعملية إنزال
خلف خطوط التماس وقامت بأسر بعض العسكريين ومنهم العاملين في مجال الإستخبارات
فهؤلاء يعتبرون أسرى حرب ومشمولون بالحماية الدولية.
والمجند للعمل في جهاز المخابرات إذما تم القاء القبض عليه من قبل جهات
أجنبية بشكل مباشر أو عن طريق طرف ثالث فأما أن يتم إستبداله بموجب عملية تبادل
عامة أو خاصة أو التخلي عنه أو إيقاع أشد العقوبات به ويعتمد ذلك على درجة تصنيفه
وأهمية موقعه وفاعليته وأما المجند ضمن أعمال الأمن العام فأنه يمارس عمله داخل
بلاده فهو في منعة وحماية ما دام يعمل وفق الضوابط والتعليمات ويراعي في عمله
قواعد ومبادئ حقوق الإنسان والسرية.
إن التجنيد أحد متطلبات أعمال خدمة الأمن الضرورية وهو من الوسائل التي أثبتت
فاعليتها وبيان خطورتها ومستوى تأثيرها وما تأخذه من مساحة حقيقية في أعمال خدمة
الامن وخاصة الأعمال التي يصعب معها زرع عنصر أمن في كأن معين، وقد يتولى الضباط
العاملين في الأجهزة الأمنية إدارة العديد من الوكلاء وحسب ساحة العمل أو الاهتمام.
والتجنيد وسيلة قديمة لجأت اليها المنتظمات
السياسية والإجتماعية والدينية في معرفة ما لدى الغير من تدابير وفعاليات ومعلومات
حيث سجل لنا التاريخ حوادث واضحة في بيان دور ومفهوم وتأثير هذه العملية مثل: قصة
دليلة وشمشون، مرورا بقصة إستشهاد نبي الله يحيى عليه السلام بطلب من إحدى بغايا
بني إسرائيل، وقضية وحشي قاتل حمزة في معركة اُحد وقصة قطام وإبن ملجم في حادثة إستشهاد
الإمام علي عليه السلام، والى هذا اليوم تحصل العشرات من عمليات التجنيد في مختلف
دول العالم.
إن أعمال الخدمة السرية وأعمال مكافحة التجسس (Counter espionage) بحاجة الى جهد منظم في أدارة
الوكلاء أو المجندين وفي المقابل يتطلب واقع الحال إجراء عملية تحصين مستمرة
للجميع العاملين في الأماكن المهمة أو الأشخاص الأكثر عرضة للتحرك نحوهم بهدف
تجنيدهم من خلال بيان الإجراءات المضادة لعملية التجنيد وأهم شيء تحصين المسؤولين
وكذلك العاملين في الأجهزة الأمنية ولاسيما إذا طلب أحد الوكلاء اللقاء بأحد
العاملين في مجال الخدمة السرية أو إذا حدد شخص معين بعينه(من باب أنه سمع بإسمه
من شخص مقرب أو بسبب ما يتمتع به من شهرة)، ويجب أن يتولى
المقر الأعلى ودائرة أمن الجهاز الأمني بحكم ما يمتلكه من وسائل مختلفة عمليات
التدقيق المستمر لجميع الأنشطة المعادية الموجهة ضد العاملين بإمرته المتعلقة بكشف
المسؤولين عن عملية التجنيد من خلال تقاطع المعلومات من المصادر المختلفة،
مع الأخذ بنظر الأعتبار رغبة وإستعداد بعض المجندين وقناعتهم على أن ما سيقومون به
ليس بالضرورة أن يندرج تحت توصيف الخيانة أو التعامل مع العدو، ولاسيما إذا كان
التجنيد قد حصل على أساس عقائدي.
وقد رأينا أن أخس عمليات التجنيد هي تلك التي
تحصل بهدف الإيقاع بأحد العاملين في الأجهزة الأمنية لأن عنصر الأجهزة الأمنية إذا
كان عليه مؤشر معين أو ضعف أو خلل في جانب معين فمن الأولى أن يتم استدعاؤه وتنبيه
مرة أو مرتان وأكثر ومن ثم إتخاذ ما يلزم بحقه من إجراءات قد تصل الى الطرد أو الإستبعاد
من غير اللجوء الى خيار دفع شخص تجاهه بقصد تجنيده للقيام ببعض الأعمال المخجلة
بحقه وحق الجهاز الأمني الذي يعمل فيه، أن بعض الأجهزة الأمنية لا تقر
حصانة العاملين فيها بسبب عدم مهنيتها وحرفيتها فهي قد تعمد الى تجنيد أحد الأشخاص
للإيقاع بأحد العاملين لديها في إشارة واضحة الى إفلاسها وإنحطاطها من غير أن تلجأ
الى أحد الوسائل القانونية المتاحة.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق